الخميس، 18 ديسمبر 2014

سنة الموت


 

كل حي إنما هو شئ للحياة أُعطِيهَا على شرطها ، و شرطها أن تنتهي .. فسعادته في أن يعرف هذا و يقرر نفسه عليه حتى يستيقنه ، كما يستيقن أن المطر أول فصل الكلأ الأخضر . فإذا فعل ذلك و أيقن و إطمأن ، جاءته النهاية متممة له لا ناقصة إياه ، و جرت مع العمر مجرى واحداً وكان قد عرفها و أعد لها . أما إذا حسب الحي أنه شئ في الحياة ، و قد أُعطيها على شرطه هو ، من توهم الطمع في البقاء و النعيم ، فكل شقاء الحي و همه ذاك ، و في عمله على هذا الوهم ، إذ لا تكون النهاية حينئذ في مجيئها إلا كالعقوبة أُنزلت بالعمر له و تجئ هادمة منغصة ، و يبلغ من تنكيدها أن تسبقها آلامها ، فتؤلم قبل أن تجئ ، شراً مما تؤلم حين تجئ !

* الرافعي
_ وحي القلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق